الجمعة، 12 يونيو 2020

الحاج عبل إيدعباد رجل الوفاء و الثقة :




تيمولاي 24: الأستاذ إبراهيم بوزرع .
مما يحفز على الكتابة و يلهم القلم ليخط  جميل الثناء و عذب الكلام ، عندما يكون الموضوع عن معادن نادرة من الرجال الذين كانت لهم المكانة المحفوظة في القلوب و الوشم الباقي الذي لا يمحى من الذاكرة ، ومن هؤلاء  الذين يتشوق القلب لإحياء ذكراهم و التذكير بصفاتهم و مسارهم ، الحاج عبل إيدعباد رحمه الله و أسكنه فسيح جناته مع الصديقين و الشهداء .
  و في هذه الأسطر سنحاول أن نخط كلمات عن الحاج عبل نرجو بها التذكير بكفاحه و عصاميته ، و إحياء و بث عبير أخلاقه و طيب  معاملاته  .

         - الطفولة و ولوج مجال الجزارة .
كابد و كافح الحاج عبل منذ طفولته التي اتسمت بالجد و العمل و تحمل المسؤولية منذ الصغر ، فقد جمع في طفولته رحمه الله  بين الدراسة و الرعي في الصيف  عند السيد الحسين أوعُمَار رحمه الله ثم انتقل للرعي عند باها ندبها رحمه الله ، واصل تعليمه ببويزكارن ثم انقطع عن الدراسة للتفرغ كلية للجزارة و الرعي ، يقضي صباحه بالمجزرة ثم بعد منتصف النهار  يرعى الغنم في نواحي تيمولاي ..وقد كان من رفاقه في هذه المرحلة السيد باها أوببكر و الحاج محمد أوسي  .
و بعدا أن رأى فيه السيد باها ندبها رحمه الله ذكاء مع الجدية و المعقول و المثابرة أدخله معه كشريك بنصيبه في محله للجزارة ودامت هذه الشراكة زمن طويلا  ، فكسب بذلك ثقة الجميع بالسوق  زبناء و تجارا من أهل تيمولاي و خارجها في زمن ازدهار سوق تيمولاي الذي كان مركزا تجاريا مهما و يحج إليه كل سكان المناطق المجاورة .
بعد ذلك انفصل عن السيد باها ندبها رحمه الله  ليؤسس محله الخاص و ينطلق في بصم مسار تجاري اتسم بالثقة و المعقول و حسن المعاملة ، و عرف عنه إحسانه للفقراء و عفوه عن المدينين و أيضا تفريجه كربات الكثيرين من أهل تيمولاي ..فكان لا يرد من سأله ولا يخيب أمل من لجأ إليه .
عرف الحاج عبل رحمه الله بعصاميته و وقوفه بكل مسؤولية بجانب أفراد عائلته فدعمهم جميعا في مسارهم سواء الشخصي أو المهني ، فكان نعم الأخ الأكبر و الأب الثاني لإخوته و أخواته .
         - المسار السياسي :
بسبب قرب أفراد عائلته من الحاج العسري رحمه الله الذين كانوا من حلفائه المخلصين ، فكان بديهيا أن يصير الحاج عبل من مناصري و محبي الحاج العسري رحمه الله  ، فدخل الحاج عبل هذا المضمار مرشحا قويا و باصما بقوة في تاريخ القطبية السياسية التي عرفتها  المنطقة و التي كان أبرز أقطابها حزبا الحركة الشعبية و الإتحاد الدستوري ..فشل الحاج عبل تارة و فاز تارة أخرى  و كان عضوا في جماعة تيمولاي في كراسي المعارضة بعد فشل فريقه في الحصول على الأغلبية لترؤس المجلس بسبب استقطاب أحد الأعضاء المقربين منه  من طرف الجهة المنافسة ..
عرف الحاج عبل بحرقته و غيرته على تيمولاي و في المجال السياسي بجديته و وفائه لحلفائه ، وبعد أن خاض تجربة في عضوية المجلس و وقوفه عن كثب على دواليب تسيير الشأن المحلي خاب رجاؤه و انطفأت طموحاته لينسحب من هذا المضمار مكتفيا بالمتابعة و التعاطف مع  كل من يريد المصلحة و الخير لتيمولاي .
         - الابتلاء بالمرض و وفاته رحمه الله :
خاض الحاج عبل رحمه الله في آخر أيام حياته ابتلاء عظيما حيث أصيب بمرض عضال كانت أعراضه الأولى في ضعف السمع لتنطلق رحلة العلاج بين أكادير و الرباط ، واجه الحاج عبل المرض بالقبول و التسليم لقضاء الله و قدره  ، حافظ على شخصيته المَرحة و معنوياته المرتفعة  دعمه في ذلك أحبابه و أصدقاؤه المقربون ..لكن حكمة الله جارية و قدره محتوم و إذا جاء الأجل ما على الروح إلا أن تصعد لبارئها ..توفي الحاج عبل رحمه يوم 6 رمضان 1432 هـ/ 2011 م لتفقد تيمولاي أحد رجالاتها الكبار و يفقد فيه أهله الأب الناصح العظيم ، و يغيب بشخصيته و إخلاصه عن أصدقائه الذين عرفوا فيه الرجل الشهم الوفي و الأخ العزيز الذي قل ما يجود الزمان بمثله ، وقد وصفه صديق طفولته  الحاج محمد أوسي  وقد غلبته دموعه  :" الحاج عبل رجل بكل المقاييس طيب ذو كلمة و شهم ، تعجز الكلمات على أن توفيه حقه ، مثله قليل في الوفاء بالعهد و الإخلاص في صدقاته   ، عندما أزور المقبرة أقف متأثرا أمام قبره ".

غاب جسد الحاج عبل في التراب  و بقي الذكر الحسن و السمعة الطيبة و المواقف القوية تحيي ذكره و ترفرف بروحه و عبيرها في ذكريات و مجالس   محبيه و خلانه ، لقد أضحت صفحات حياته  بصمات نقشت في تاريخ وذاكرة أيت تيمولاي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق