تيمولاي 24 :الأستاذ الباحث محمد أرجدال
ترجع الرواية الشفوية تاريخ الاستقرار بقرية تيمولاي
اوفلا قيادة افران إقليم كلميم إلى فترات قديمة، فتقول إحدى هذه الروايات أن السكان
استقروا أول الأمر بالسفح الظليل لجبل تيشيشين قرب منابع ماء متدفقة من الجبل
ومازالت تحمل إلى الآن اسم تالعينين وتحتفظ ببقايا آثار بيوت قديمة، ثم انتقل
السكان إلى ربوة مجاورة فبنو بها قلعة وحصنا يطلق عليه محليا اسم
"تكاديرت" فاستقروا بها في رخاء وهناء، لكن نزوح بعض الرحل وبنائهم
لخيامهم في الأرض المنبسطة على مقربة من القلعة و ورود ماشيتهم بمياه العين أغضب سكان
القلعة فضارت بينهم وبين الرحل حروب انتهت بهدنة وصلح، وكعربون من الرحل على
التزامهم بالهدنة قاموا بتزويج إحدى بناتهم لأحد أبناء سكان القلعة وبعد مرور أربع
سنوات ، وإنجابها لابن فكر، الرحل في نقض الصلح والهدنة والهجوم على القلعة والانتقام منهم تخريبها فاتصلوا بابنتهم
وطلبوا منها أن تخبرهم بانشغال سكان القلعة بأمر ما للهجوم عليهم، واتفقت معهم بان
تنشر رداءا ابيضا بعد غسله على سور القلعة، وانتظرت حتى انشغل كل السكان بصلاة
العيد، فأخبرت أهلها الذين لم يترددوا في الهجوم على القلعة وقتل وذبح كل من فيها
من رجال ونساء وأطفال وشيوخ ثم نهبوها وخربوها، ولم ينج من هذه المذبحة إلا ثلاثة
شبان كانوا خارج القرية يدرسون القرآن الكريم
والعلوم الشرعية بمدرسة علمية بعيدا عن القرية، ولما وصلهم الخبر المشؤوم
قرر اثنين منهم عدم العودة نهائيا والبحث عن مستقر جديد إلا أن الثالث ورغم هول
الفاجعة، انتظر بعض السنين ثم عاد إلى مسقط رأسه ووجدها خرابا وأطلالا ينعق فيها
البوم، فنزل إلى أسفل الربوة فبني به بيته
على مقربة من أطلال القلعة القديمة بمنطقة تعرف لذا الساكنة حاليا ب"اغري / aghwri" وقد
كانت أطلال هذا الحصن خير دليل على انه كان تجمعا سكنيا محصنا عبارة عن قصر مبني
بالطوب محاط بسور خارجي علوه يفوق خمسة أمتار " 6 امداين" وبه كل
المرافق المتوفرة بنظيره من قصور الجنوب المغربي،ثم تزوج وأنجب أبناءه فأنشأ نواة
جديدة لقرية تيمولاي وسكانها الأصليين ومنه ينحدر كل من فروع اد ناصر، واد يحيى،
واكربالن، وانفلاس وغيرهم ثم توسعت القرية
فبنت قصورا جديدة تحمل اسم يكيدار ثم استقطبت ساكنة أخرى من المناطق المجاورة .
وتقول رواية أخرى بان السكان استقروا في تيمولاي افلا
داخل مجموعة من القصور المتجاورة وهي"اغري / aghwri" في
عالية الساقية و" يكَيدار/igidar " في السافلة وكان لهما مخزن جماعي فوق
ربوة يحمل اسم "تكاديرت/ tagadirt" وكانوا يستغلون مياه
العين القديم في سقي البساتين بالتناوب إلا أن سكان "يكدار / igidar"
يتهمون سكان " اغري / aghwri " بتبخيس نوباتهم من السقي بتحويلها إلى جنانهم عن طريق السرقة و
"كسر السواقي"، فدارت بينهما حروب وعداوة لا تجارة ولا نسب بينهما
وانتهت بالصلح والهدنة فقرر سكان "يكيدار" تزويج إحدى بناتهم كما في
الرواية الأولى لأحد أبناء "اغري" ولما تم تخريب القرية عن أخرها وعودة
ثلاثة أبنائها حفظة القرآن من غربتهم ووجدوا القرية دكا دكا، ووقفوا فوق ربوة تحمل
إلى الآن اسم ربوة " الطلبة" ودعوا للهالكين من ذويهم بالرحمة والغفران
فرجعوا إلى جهة غير معروفة.
وتضيف الرواية الشفوية بأنه حوالي سنة 942 هـ قدم إلى
المنطقة فقيه ومرابط من منطقة تمنارت اسمه سيدي إبراهيم بن عامر وقام بتشييد مسجد
كبير قرب "يكيدار" وعلى أنقاض قصر "موزيا" ثم بنيت حوله بعد
ذالك أبنية وبيوت كل من يغيل غزيفن وقصبة اغاض وقصبة اديشو وادحمو امسعود.
كما أن أسماء الأسر القديمة بتيمولاي أفلا تظهر في أسماء
نوبات ماء العين القديمة مثل إد عدي اوبلا و أيت تابيا و أيت سليمان و
أيت إحند ...
وكدليل على قدم الاستقرار كثرة المدافن والمقابر حيث
منها مقبرة "يمي لعين" الكبيرة بالجبل فوق "تكاديرت" تمتد على
سفح جبلين وتعرف ب" لمدينت ادرار س ادرار" وكان سكان المناطق المجاورة يدفنون
موتاهم بهذه المقبرة، حيث كانت النعوش تحمل إليها على ظهور الجمال والبغال. ثم
مقابر"ايت اعزى ويهدى" ومقبرة " تيسريرين" و سيدي عبدالله
اوعلي والتي يقام بضريح وليها موسم سنوي يحمل اسم الوالي سيدي عبدالله اوعلي و
مقبرة "يكر ن صفوف" ومقبرة " سيدي الوالي".
كما كان عين ماء تيمولاي العليا قبل حفر عين تيمولاي
السفلى وعين "تماينوت" وكل من تالعينت اورخا وتالعينت ندهيط هو الوحيد
بفحص بردن ومنه تورد المواشي ويقصده الركبان و منه يجلب الماء لملء خزانات الماء
" تانوطفي" بالحصون فوق الجبل ويحكى أن احد أعيان لخصاص بني أبراج بيته
بادحموش أعالي تانسليفت بماء عين تيمولاي التي تحمل إليه بالقرب على ظهور الجمال
ويعرف هذا العين ب"يمي لعين" و ب"سيدي علي اوبها" وكذا
ب"ترامت" ربما نسبة إلى سواقيه، وقد بنيت عليه مطحنة مائية تدور رحاها
بقوة المياه وتعرف ب" ازرك نومان نتقبيلت"، إلا أنها لم يعد لها أي اثر
إلا في الذاكرة الشعبية بالمنطقة.
وبتيمولاي افلا منابع ماء كثيرة منها "
تالعينين" والعين اقديم السالف الذكر ثم عين "اليم " وعين
"ادبوفرنسا" التي تم حفرها في فترات متأخرة.
وتورد الرواية الشفوية بأنه كان هناك برج قديم محاط بحوش
خاص للمراقبة فوق ربوة، وبعد مدة هدم البرج وبقي الحوش وكان يعرف بحوش اقبيل بمعنى
حوش القبيلة، كان أعيان القلعة يجتمعون فيه لتدارس جميع الأمور التي تهم القرية من
مستجدات وأحكام وغيرها.
وتضيف الرواية الشفوية أن الأسبان والبرتغال
المحتلين لبعض ثغور الساحل بسوس وايت بعمران ووادي نون وامتدت حملاتهم إلى قرى
ومدن الداخل، حيث حاصرت قوات الغزاة حصن "تيمولاي ءوفلا" لمدة غير يسيرة
ولما قرب الزاد أن ينفذ من ساكنتها اقترح عليهم احد الشيوخ أن يأتوه بثور فناوله
صاعا من القمح كعلف له، ففتحوا له باب القلعة وخرج وتبعه احد رجال القرية واعمين
انه هرب ولما اقترب من معسكر الغزاة قفل الرجل عائدا وترك الثور فقبض عليه الجنود
وذبحوه فوجدوا بأحشائه القمح فأمرهم قائدهم بفك الحصار، ضانا منه أن السكان لهم
مؤونة تكفيهم لسنوات وليس لأشهر وعادوا من حيث اثووا. وتقول رواية أخرى بان
البرتغال احتلوا القرية وحكموها مدة من الزمن واسم حاكمتها "موزيا" التي
بنت قصرا لها قرب "يكيدار" والى جانبه بناية أخرى لأجنبي آخر يسمى
"أموز".
وكدليل على وصول البرتغال ومقاومة السكان لهم تواجد قبور
و مدافن ايت يعزى ويهذى جوار القرية ، خاصة وأنهم شاركوا في الجهاد ضد الغزاة
بداية الدولة السعدية.
ليست هناك تعليقات: