تيمولاي 24: ذ.ابراهيم بوزرع
مما ترسخ في ذهني في علاقتي بلغتنا الأمازيغية أجواء التباري التي تمر فيها مسابقات حرف تيفناغ التي نظمتها جمعية النور ،و التي ساهم فيها بكل ترحيب الأساتذة صالح ادبها و ابراهيم نجيب و عمر كنبوش إضافة لبعض طلبة تيمولاي كسعيد اوشطاين و كوسير ابراهيم ، مازلت أتذكر كيف تفاعل التلاميذ معها بكل حب و حميمية ، و لمست فيهم تفوقا و نباهة في إجاباتهم على أسئلة المؤطرين و أحسست بالمرارة أنني لم اتعلم لغتي في الابتدائي لأن القومجيين العرب لم يقبلوا ترسيمها و أخذها لمكانها الأساسي بجانب اللغة العربية .ـ و تركوا لغة المستعمر الفرنسي تهيمن على الإدارة و الجامعة و شتى مجالات الحياة، مرتكبين جريمة فظيعة مع سبق الإصرار و الترصد في حق شعب فقد هويته اللغوية ،إضافة إلى مدرسة لقيطة معاقة تخرج تلاميذ جلهم لا يتقن أية لغة بسبب القومجية و المكر الخبيث الذي جعل من المغاربة فئران تجارب لمشاريع فاشلة في ظل دولة لا مشروع مجتمعي لها و قطارها يسير منذ زمن في غير السكة الصحيحة ، و نتمنى أن لا يكون ترسيم اللغة الأمازيغية المعيار تجربة أخرى تضاف إلى سلسلة نكبات أمتنا المكلومة .نريده ورشا مفتوحا تشاركيا يجمع المختصين من أبناء هذا الوطن و الغيورين على حاضره و مستقبله و الذين يرون في تعثره و فشله خسارة و انهيارا لا يمكن استدراكه و تصحيحه لأنه مرتبط ببناء الإنسان و مصيره ، إن الأمازيغية ليست مجرد قانون تنظيمي أو سلعة تعرض في سوق السياسة و أداة لكسب الأصوات الانتخابية أو راية لإحياء النعرات و العصبيات المنبوذة، إنها إلى جانب اللغة العربية هوية و مصير و مشاريع مجتمعية نتحمل جميعا مسؤولية إنجاحها .ويجب على المعترضين على هذه اللغة وترسيمها التوقف و التسليم بالمكتسبات التي راكمها النضال الأمازيغي ، و ليكونوا لبنات بناء في صرح الوطن عوض حمل معول الهدم و التقهقر للعهود البائدة للقومجية و الحنين للعصابة التي جعلت البلاد بخيراتها و طاقاتها لها لا لغيرها .و أهمس في أذن بعض المتعصبين من الحركة الأمازيغية الذين يحملون شعارات معاداة العرب إخوانهم في الدين و الوطن توقفوا و دعوا هذه الدعاوى القبيحة العنصرية .
و إن القومية سواء كانت عربية أو أمازيغية منبوذة شرعا و عقلا ، لأن الله عز وجل قضت حكمته بخلق الألسن متنوعة و جعل الدنيا بكل مكوناتها فسيفساء مشبعة بالاختلاف و لا يمكن لأي أحد أن يتحدى هذه الإرادة الربانية ويسمح لنفسه بإلغاء الآخر .قال تعالى : " وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ " الروم:22 إن قيمة الاعتراف بالآخر و التعايش معه و القبول بالتعدد اللغوي و التنوع الثقافي أضحى ضرورة ملحة للحيلولة دون الوقوع في التطرف و العصبيات الجاهلية و الانقسامات المقيتة و لن يتأتى التعايش إلا في ظل راية الإسلام و تعاليمه السمحة و قيمه العظيمة التي تتعالى عن الحسابات السياسية الضيقة و العقد النفسية التي يعاني منها الكثيرون .فأي عهد دولي أو نص حقوقي أو بيان أو شعار أصدق من قوله تعالى :" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" الحجرات 13 .
ليست هناك تعليقات: