تيمولاي 24:*مختارخوش
لقد تتبع المغاربة قاطبة خطاب جلالة الملك محمد السادس في ذكرى عيد العرش المجيد الذي كان خطابا عفويا وصادقا كعادته ،إلا أن هذا الأخير بالذات اتسم بكثير من الوضوح ،ووضع المشهد الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب ان صح التعبير على المحك من خلال الحديث عن ثروة المغرب التي لا يستفيد منها إلا قلة من المغاربة وبدليل أن جلالته لاحظ فوارق اجتماعية في بعض زياراته لمناطق مغربية ..
مما يؤكد أولا أن خدع السلطات المحلية والمجالس الجماعية لا تنطلي على جلالته عند كل زيارة له من قبيل التنظيف ،وتزيين جنبات الطرق بأشجار مثمرة بين عشية وضحاها، وصباغة الواجهات، وتغطية بعض عيوب البنايات العمومية بالاعلام
المغربية الكبيرة، واجلاء المتشردين والكلاب الظالة ..الخ ...من الخدع الهوليودية التي سئم منها الشعب المغربي .حتى ألف المغاربة معرفة خبر زيارة جلالة الملك لمنطقتهم من خلال حملات النظافة وحملة يقضة ووعي وعمل سريع الوثيرة في الادارات ،ناهيك عن فرص الشغل الاستثنائية التي تهم حرق الازبال في الجبال وفي السهول .. نحن لسنا ضد أن نرحب بملكنا ونستظيفه احسن ظيافة تليق بمقامه المحترم، ولكن حبذا لو كان هذا المنطق في برنامج كل مسؤول منتخب أو اداري على مدار السنة وفي كل يوم ،ويعتبر كل مسؤول أن ملكنا سيزورنا يوميا عندئذ لن نصنع تنمية مؤقتة تنتهي عند انتهاء كل زيارة ملكية.
حتى أضحى المغاربة يتمنون إقامة الملك ولو حتى لفترة محددة في بلدتهم .
،على أي عندما استمعت أنا كذلك لخطاب عيد العرش والرسائل القوية التي يحملها دفعني الفضول الى جمع ومشاركة القراء الاعزاء بعض المعلومات التي كنت أتوفر عليها ،وبعض المظاهر التي اشاهدها والوقوف على بعض الاختلالات التي رصدتها في جماعتنا وفي ميدان اشتغالي كفاعل سياسي وجمعوي وحتى كمواطن عادي يحس كذلك بجزء من هذه ثروة البلاد لا يستفيد منها عامة الشعب، وارجوا ان تكون هذه الوقفة جوابي شافيا ولو بنسبة محددة ..
سأبدأ بتدبير ميزانية المجالس الجماعية التي لها اتصال مباشر بهموم المواطن ،والتي يضخ إليها جزء من ثروة البلاد حيث تدبر هذه الثروة بمنطق يحكمه الأنانية والانتخابات والإنفرادية والمحسوبية، والزبونية، والقبلية والعائلة ،وتبقى هذه الفئة المستفيدة أقلية ..اذ كانت هذه الميزانية تحتاجها لتعبيد طرق التي قد ترفع التهميش عن فئة ما ،وتوصل الماء الى من لا ماء عنده، وكهرباء وتمريض وتنمية قدرات الشباب رياضيا وفكريا من خلال بناء مرافق له ، ويحتاجها النهوض بالتعليم ببناء وتقوية بنايات ومدارس متهالكة وخلق المشاريع الاقتصادية مثل تاهيل الاسواق الاسبوعية واليومية وتشجيع المشاريع المدرة للدخل ..وفي الاخير تجد هذه الأموال تذهب الى جيوب اعضاء المجالس الجماعية وأرى شخصيا أنها هي تلك الاقلية المستفيدة من ثروات البلاد ، ويغتنون منها ويبنون بها، ويعلمون بها ابنائهم خارج جماعتهم ،وينمون بها مشارعهم الخاصة ،ويستغلون بها نفوذهم ويقوون بها شوكتهم، ويستعبدون بها من صوت لهم، ويرهبون بها من يعارضهم عبر الاتجار بالإمضاء او بجرة قلم تلك ان وجدت في وقتها.. وجرة القلم هذه هي التي غالبا ما تحدد مستقبل شاب او قد تملك أحد النافذين عقار بدون وجه حق أو وبهذا الإمضاء قد يحدد مصير مشروع بناء سكن أو مشروع استثماري قد يعود بالنفع على الساكنة، أو يحدد مصير مشروع تنموي قد يوفر فرص شغل لمن لا شغل له و الامضاء هذا كلما تأخر عن وقته إلا وقد يعيق ازدهار وتقدم جماعة بعينها ،او قد يكون سببا في فشل جمعية في مشروع قد توفر ايواء او تعليم وحتى محو للامية او مشروع مدر للدخل,. وياما سبب غياب و تأخر هذا الامضاء ازهاق ارواح بسبب عدم ترخيص لسيارة اسعاف نقل مريض على وجه السرعة الى مستشفى بسبب سوء تدبير أو أحيانا فقط من اجل تصفية حسابات ضيقة شخصية او انتخابوية عفنة .
هذا فقط مظهر من مظاهر الفساد الذي يبدد ثروات البلاد بدون مساوات وتصنع طبقة اجتماعية متعجرفة على حساب اخرى مستضعفة لا حول لها ولا قوة ..
وسنذكر نموذج اخر من عدم الاستفاذة من ثروة البلاد وهي الدواء المجاني الذي يوجه الى المستوصفات القروية نموذجا بهذف أن يوزع على عامة الشعب ، وخاصة المعوزين ،وغالبا ما تجد هذا الدواء الذي تخصص له ميزانية من ثروة بلادنا لكي يستفيد منه من لا درهم له يوزع بمنطق التجارة ،و الزبونية ويمنع على هذه الطبقة من المجتمع التي لا تعرف لثروة بلادها طريقا ولا سبيلا فيباع هذا الدواء الى قلة من الناس الذين يستطيعون اصلا شرائه في اي صيدلية بثمنه الحقيقي ..
وبهذا الشكل العفن من التدبير هو ما يفلت الفرصة على عامة الشعب المغربي ان يحس بثروة بلاده توزع على الشكل الجيد ويستفيد منها على الشكل المطلوب ..
وفي وجه اخر من اوجه تبديد ثروة البلاد واقتسامها بين قلة قليلة تجد مجلس جماعي يهرب دورات المجلس التي من المفروض ان يحضرها سكان جماعتهم لكي يعلموا كيف تسير امورهم من طرف من منحوه صوتهم وتعقد هذه الدورات غالبا في منازل وفيلات ،وهناك تقسم الكعكة بعيدا عن مرأى ومسمع ربما حتى السلطة المحلية كسلطة وصاية ،وهناك تعقد صفقات بينهم وتقسم الميزانية ككعكة طرية بين ضعاف الضمير والنفوس وفي غياب للمسؤولية والمحاسبة وفي تحد صارخ لكل القوانين الوضعية والشرعية ..
كل هذا ليس الا امثلة صغيرة جدا اريد ان اجسد فيها او ان اجيب فيها عن السؤال الكبير الذي أطلق مشروعه جلاله الملك في خطابه الاخير، والذي ياما تسائل الشعب المغربي في الشارع ابان الحراك الديموقراطي والذي خرج فيه المغاربة رافعين لافتات يسألون عن ثروة بلادهم من يستفيد منها؟؟ وكانت شعارات لعل اقواها (الفوسفاط وجوج بحور والشعب عايش مقهور )ومن خلال هذا الشعار يتضح ان الشعب المغربي يعرف جيدا مكونات ثروة بلاده ،وبانه لا يستفيد منها ..
*فاعل جمعوي
hor11@hotmail.fr
ليست هناك تعليقات: